الإنابة القضائية في القانون الجزائري pdf

 

مقدمة:
الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه (المادة 571 من القانون المدني الجزائري).
وتستمد سلطة النائب في الإنابة من إرادة الأصيل نفسه وهذا ما يعرف بالإنابة الإرادية، وتسمى أيضا بالإنابة الاتفاقية، وهي التي يختار فيها الأصيل شخص النائب ويحدد نطاق سلطته وهذا يتحقق عادة في عقد الوكالة.
وأما أن تستند إلى القانون وهي الإنابة القانونية التي تفرض على الأصيل فرضا دون الاعتداد بإرادته، ويتحقق نطاق سلطة النائب القانوني طبقا لنصوص القانون الذي قد يعين لشخص النائب نفسه.
ورغم تنوع فكرة الإنابة الذي يعنينا في هذا المجال هي الإنابة القضائية في قانون الإجراءات الجزائية وفي هذا الأخير لم نجد نصا يعرف فيه الإنابة القضائية تاركا ذلك للفقه.
والإنابة القضائية تكليف تعطيه السلطة المكلفة بالتحقيق إلى سلطة أخرى لتنفيذ بعض إجراءات التحقيق التي لا تريد أولا تستطيع القيام بها بنفسها.
والأصل أن قاضي التحقيق ملزم بالتحقيق بنفسه، أما الإستثناء فقد أجيز له إنابة غيره وهذا ثابت موجب الفقرة 6 من المادة 68 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري التي أكدت على "إذا كان من المتعذر عليه القيام بنفسه بجميع إجراءات التحقيق، جاز له أن يندب مأموري الضبط القضائي للقيام بتنفيذ جميع أعمال التحقيق اللازمة ضمن الشروط المنصوص عليه في المواد 138 إلى 142 ق إ ج".
فإذا تعذر قاضي التحقيق القيام بجميع أعمال التحقيق لشعب الواقعة أو لتعدد أماكن إجراء التحقيق أن ينيب غيره، بموجب أمر الإنابة القضائية التي اخترناها كعنوان لبحثنا هذا فموضوع.
وفي سبيل إعداد هذا البحث تم تقسيم الخطة إلى فصلين خصص الفصل الأول بالتطرق إلى شروط الإنابة القضائية وبدوره قسمناه إلى مبحثين:
المبحث الأول الشروط الشكلية، والمبحث الثاني للشروط الموضوعية وبطبيعة الحال قسم كل مبحث إلى مطالب وفروع وفقرات حسب ضرورات البحث.
أما الفصل الثاني منه فقد خصصناه لدراسة الأثار القانونية للإنابة القضائية متطرقين فيه إلى كيفية إنتقال لإنابة القضائية من يد سلطة التحقيق إلى يد ضابط الشرطة القضائية أما البحث الثاني فقد درسنا فيه الرقابة القانونية على الإنابة القضائية بتحديد الجهات المختصة بالرقابة على أمر الإنابة القضائية وما هي الجهة التي تقرر بطلانه.
أما الإشكالية البحث فهي كالتالي: هل قيام النائب مقام قاضي التحقيق في التحقيق المطلق أم مقيد؟ وبدورها تنقسم إلى تساؤلات نجيزها كالتالي:

• إن كانت سلطة النائب في إطار القيام بالإنابة القضائية مقيدة فما هي هاته القيود؟ 
• وحين قيام النائب بسلطات قاضي التحقيق فهل تنتقل مع اجراء الإنابة القضائية ضمانات التحقيق كذلك؟
• في حالة بطلان إجراء الإنابة القضائية ما مصير هذا الأمر المبطل؟ وما هي الجهات المخول لها إبطاله؟ 

الفصل الأول: تنفيذ الإنابة القضائية

إن الإنابة القضائية هي وسيلة عملية أوجدها القانونـ لتسهيل العمل القضائي بمقتضاها يجوز للقاضي أن ينيب عنه قاضيا آخر أو ضابطا للشرطة القضائية المختص للقيام بما يراه لازما من إجراءات لتنوير العدالة وإظهار الحقيقة.
ولقد عالج المشرع الجزائري موضوع الإنابة القضائية وإجراءاتها في القسم الثامن من الباب الثالث من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، في المواد من 138 إلى 142.
ومن هذه النصوص المختلفة نستخلص أن الإنابة القضائية هي إجراء من إجراءات التحقيق يمكن لقاضي التحقيق أو جهات الحكم اللجوء إليه كلما كان ذلك ضروريا ومفيدا في مجريات التحقيق من أجل إظهار الحقيقة، كما تخول لصاحبها سلطات محددة ضمن الإنابة يتولى تنفيذها بتفويض من القاضي المنيب، ويخضع تنفيذ الإنابة لشروط شكلية وموضوعية يجب مراعاتها، وإلا كان الإجراء‏ باطلا، منها ما يتعلق بمصدر أمر الإنابة والآخر بمن يصدر إليه الأمر، ومنها من يتعلق بالإجراءات محل الإنابة وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل في هذا الفصل وذلك في إطار المبحثين التاليين:

المبحث الأول: الشروط الموضوعية لصحة الإنابة القضائية.

يرتبط موضوع الإنابة القضائية بالجريمة محل المتابعة والإجراءات المتصلة بها، وهذا ما نصت عليه المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية حيث تقضي بأنه لا يجوز الأمر بالإنابة القضائية إلا بإتخاذ إجراءات التحقيق المتعلقة مباشرة بالجريمة، والتي تنصب عليها المتابعة،
حيث ينحصر موضوع الإنابة التي يأمر بها في الإجراءات المتعلقة بالجريمة محل المتابعة التي سبق لها أن أخطر بها قانونا، أما بطريق الطلب الافتتاحي أو بالإدعاء المدني، كما يتعين على ضابط الشرطة القضائية أو القاضي المنتدب لتنفيذ الالتزام بحدود الإنابة القضائية والإجراءات التي كلف بها دون تجاوز فإن حدث تجاوز اعتبر ذلك من قبيل أعمال التعدي يتحمل صاحبها المسؤولية المدنية والجزائية عند الاقتضاء
ويشترط في الإنابة أن تكون محددة المهمة ليتولاها الشخص المنيب بأمانة وصدق وبمناسبة تنفيذها فهو يتمتع بالحرية في اتخاذ التدابير التي يراها لازمة ومفيدة لتحقيق النتيجة، ومن هذا فهو يتمتع بسلطات قاضي التحقيق.
وعلى كل حال فإذا كان المبدأ يقضي بأنه لا يجوز إعطاء بطريق الإنابة القضائية تفويضا عاما غير انه خلافا لذلك فقد يجوز إعطاء إنابة قضائية محددة إذا كان الأمر يتعلق بجرائم ما زالت لم تتحقق معالمها بعد، كحالة الموت المشبوه، والمتابعات في الجرائم ‏ ضد مجهول.

المبحث الثاني: الشروط الشكلية لتنفيذ الإنابة القضائية.

نصت المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية على ثلاث شكليات جوهرية لصحة الإنابة القضائية هي ذكر نوع الجريمة موضوع المتابعةـ وتاريخ الإنابة، ثم توقيعها فيمن طرف القاضي الذي أصدرها وختمها بختم الجهة القضائية وهذا فضلا عن الشكلية العادية التي يجب توافرها في الأوامر القضائية بصفة عامة، حيث أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة، وتصدر الإنابة القضائية عن قاضي التحقيق، ويجب ذكر إسم المتهم ضمن الإنابة و إن كان مجهولا فيتعين بيان ذلك ضمن المأمورية، كما تذكر صفة المنيب المكلف بالتنفيذ والدائرة التي يعمل بها.
كل هذا مع مراعاة البيانات الضرورية التي تبين نوع موضوع الإجراءات المطلوب القيام بها وذلك على سبيل التحديد والحصر ضمن الإنابة أو ضمن ملحق الخاص بها.

الفصل الثاني: الأثار القانونية المترتبة عن الإنابة القضائية

يترتب على أمر الندب بمجرد صدوره مجموعة من الآثار بعضها يرتبط بسلطة المندوب في تنفيذه وبعضها بطبيعته، ولهذا فإن دراسة آثار الندب في حقيقتها دراسة كل من تنفيذ أمر الندب وطبيعته.
وينتج عنه أن يتقيد المندوب بالأعمال التي وردت صراحة في أمر الندب، وفي حدود الأعمال المندوب لها فإن مأمور الضبط القضائي ينفذها بالكيفية التي يراها ملائمة بشرط أن يتم ذلك تحت إشرافه.
كما يتقيد المندوب بموجب أمر الندب بمراعاة الإجراءات الجزائية التي تحكم التحقيق الإبتدائي، كما يعد قرار الندب قاطعا للتقادم ومنتج لجميع الأثار القانونية التي نص عليها المشرع بالنسبة لإجراءات التحقيق

المبحث الأول: تنفيذ الإنابة القضائية:

تنفيذ الإنابة القضائية يتطلب جملة من الإجراءات العملية منها ما يتعلق بالإرسال والتوزيع وأخرى تخص التنفيذية.
فالمبدأ في تنفيذ الإنابة القضائية أنه يتم من قبل الجهة الموكل لها مهمة التنفيذ والتي يمكنها إستعمال كل الوسائل المتاحة والإجراءات التي تراها لازمة لتحقيق النتيجة، غير أنه يمكن لقاضي التحقيق المصدر للإنابة القضائية في حالات خاصة تمديد الوسيلة أو آجال التنفيذ، وفي هذه الحالة وجب على الجهة المكلفة التزام تلك الحدود التي رسمها قاضي التحقيق المختص، فإذا حال حائل دون ذلك وجب إخطار القاضي المعني في الحال، الذي يمكنه اتخاذ التدابير اللازمة‎.
لكن إذا لم يحدد قاضي التحقيق الوسيلة وآجال التنفيذ فقد يتعين على الجهة المكلفة على أن تسعى جاهدة في تنفيذ الإنابة القضائية مستعملة في ذلك كل الوسائل التي تراها ضرورية لتحقيق النتيجة المطلوبة، وأن تعمل على انجاز المهمة في أقرب الآجال.
كما تجدر الإشارة أنه في حالة عدم إحترام مواعيد إرسال المحاضر من قبل الشرطة القضائية إلى القاضي المختص ولا يترتب عنه أثر بطلان لأنها مجرد شكليات قانونية لضمان حسن سير الإجراءات لا غير

المبحث الثاني: الرقابة القانونية على الإنابة القضائية:

إن الرقابة على تنفيذ أمر الندب تكون معاصرة لهذا التنفيذ، وقد تكون لاحقة عليه وتمثل الرقابة المعاصرة في الإشراف والمتابعة من قبل سلطة التحقيق النادبة، خطوة بخطوة مراحل التنفيذ لإجراءات التحقيق محل أمر الندب وهذا النوع من الرقابة، وإن كانت نصوص قانون الإجراءات الجنائية لا تنظمه إلا أنها لا تحظره، لأن المحقق له الحق أولا أن يقوم بإجراءات التحقيق بنفسه، كما يملك ثانيا إلغاء أمر الندب الذي أصدره في أي وقت إذا لم يستجيب المندوب لتوجيهاته، واستبداله بغيره إذا رأى محلا لذلك.
الخاتمة:
نظرا لكون قاضي التحقيق هو قاضي فرد مثله مثل قاضي الحكم، لا يساعد قضاة آخرون في أداء مهمته، وبالتالي يجد نفسه لا يستطيع القيام بجميع إجراءات التحقيق على أحسن وجه، وذلك نتيجة للعقبات التي قد تعترضه وهذه الأخيرة إما أن تكون مادية أو قانونية: 

• العقبات المادية: تتمثل في أن القضايا التي تعرض بأعداد وفرة ومتنوعة حتى يقوم بتنفيذ 
  كل العمليات التي تطلبها هذه القضايا، في الوقت الضروري وبالسرعة المرغوبة يجد نفسه مضطرا للاستعانة بأشخاص آخرين حتى تكون هذه الإجراءات ذات فعالية. 
• أما العقبات القانونية: تتمثل في كون قاضي التحقيق قد تعرض عليه قضايا تلزمه بأن يقوم بالعمل في مناطق بعيدة، وبالتالي يجد نفسه خارج دائرة اختصاصه الإقليمي المحدد له قانونا فيضطر إلى تكليف أشخاص مختصين في تلك الدوائر. 

نتيجة لهاته العقبات أعطى المشرع لقاضي التحقيق إستثناءا عن القاعدة الأصلية وهي إلزامية قاضي التحقيق بإصدار أمر الإنابة القضائية.

خطة المذكرة
مقدمة
الفصل الأول	تنفيذ الإنابة القضائية
المبحث الأول	الشروط الموضوعية لصحة الإنابة القضائية
المطلب الأول	سلطة إصدار الإنابة
المطلب الثاني	الأشخاص الذين توجه لهم الإنابة القضائية
المطلب الثالث	إجراءات التحقيق محل إنابة قضائية
المبحث الثاني	الشروط الشكلية لتنفيذ الإنابة القضائية
المطلب الأول	شكل الإنابة في الأحوال العادية
المطلب الثاني	شكل الإنابة في أحوال الإستعجال
الفصل الثاني	الأثار القانونية المترتبة عن الإنابة القضائية
المبحث الأول	تنفيذ الإنابة القضائية
المطلب الأول	أليات تنفيذ الإنابة القضائية
المطلب الثاني	إنتهاء الإنابة القضائية
المطلب الثالث	الإلتزام بتحرير محضر
المبحث الثاني	الرقابة القانونية على الإنابة القضائية
المطلب الأول	الطبيعة القانونية لأمر الإنابة القضائية
المطلب الثاني	الجهات المختصة بإبطال أمر الإنابة القضائية
الخاتمة

معلومات عن المذكرة:

الجامعة: جامعة منتوري، قسنطينة، الجزائر.

السنة الجامعية: 2009 - 2010.

إعداد: بن م. شهرزاد

مذكرة مقدمة لنيل درجة ماجستير في القانون العام فرع قانون العقوبات و العلوم الجنائية.

@[type=download|title=تحميل المذكرة|content=https://drive.google.com/file/d/1UBEk2gravggwLdFK3z-QC3ylipImpzjH/view?usp=sharing] @[type=print]@[type=report]